فصل: حنظلة الأنصاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)



.حمل بن سعدانة:

حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وعقد له لواء وهو القاتل لتبث قليلًا يدرك الهيجا حمل وشهد مع خالد مشاهده كلها وقد تمثل بقوله سعد بن معاذ يوم الخندق حيث قال:
لبث قليلًا يدك الهيجا حمل ** ما أحسن الموت إذا حان الأجل

.باب حميد:

.حميد بن ثور الهلالي:

حميد بن ثور الهلالي الشاعر يقال في نسبه حميد بن ثور بن عبد الله بن عامر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة كذا قال فيه أبو عمر والشيباني وغيره أسلم حميد وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده قصيدته التي أولها:
أضحى فؤادي من سليمى مقصدًا ** إن خطأ منها وإن تعمدا

وذكر العقيلي أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى المكي قال حدثنا الحسن بن مخلد المقري وذكره الأزدي الموصلي أبو الحسن أيضًا قال حدثنا أحمد بن عيسى بن السكين قالا حدثنا هاشم بن القاسم الحراني أبو أحمد قال حدثنا يعلى بن الأشدق بن جراد بن معاوية العقبلي يكنى أبا الهيثم قال حدثنا حميد بن ثور الهلالي أنه حين أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أضحى قلبي من سليمى مقصدًا ** إن خطأ منها وإن تعمدا

فذكر الشعر بتمامه وفي آخره:
حتى أرانا ربنا محمدًا ** يتلو من الله كتابًا مرشدا

فلم نكذب وخررنا سجدًا ** نعطي الزكاة ونقيم المسجد

قال أبو عمر رضي الله عنه لا أعلم له في إدراكه غير هذا الخبر وله رواية عن عمر وحميد أحد الشعراء الموجودين.
ذكر إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فضالة النحوي قال تقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشعراء ألا يشبب رجل بامرأة إلا جلد فقال حميد بن ثور:
أبى الله إلا أن سرحة مالك ** على كل أفنان العضاة تروق

فقد ذهبت عرضًا وما فوق طولها ** من السرح إلا عشة وسحوق

فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ** ولا الفيء من برد العشي تذوق

فهل أنا إن عللت نفسي بسرحة ** من السرح موجود علي طريق

قال أبو عمر ذكر أحمد بن زهير حميد بن ثور فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الشعراء وأنشد الزبير بن بكار لحميد بن ثور الهلالي وذكر أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا وأنشده:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا ** إذا ما صبونا صبوه سنتوب

ليالي أبصار الغواني وسمعها ** إلي وإذ ريحي لهن جنوب

وإذ ما يقول الناس شيء مهون ** علينا وإذ غصن الشباب رطيب

.حميد بن منهب الطائي:

حميد بن منهب بن حارثة الطائي لا تصح له صحبة وإنما سماعه من علي وعثمان لا أعرف له غير ذلك وقد ذكره في الصحابة قوم ولا يصح والله أعلم.

.باب حنظلة:

.حنظله بن الربيع التميمي:

حنظله بن الربيع يقال ابن ربيعة والأكثر ابن الربيع بن صيفي الكاتب الأسيدي التميمي يكنى أبا ربعي من بني أسيد بن عمرو بن تميم من بطن يقال لهم بنو شريف وبنو أسيد بن عمرو بن تميم من أشراف بني تميم وهو أسيد بكسر الياء وتشديدها قال نافع بن الأسود التميمي يفخر بقومه:
قومي أسيد إن سألت ومنصبي ** فلقد علمت معادن الأحساب

وهو ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب.
وأدرك أكثم بن صيفي مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن مائة وتسعين سنه وكان يوصي قومه بإتيان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم وكان قد كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاوبه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر بجوابه وجمع إليه قومه فندبهم إلى إتيان النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به وخبره في ذلك عجيب فاعترضه مالك بن نويره اليربوعي وفرق جمع القوم فبعث أكثم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه مع من أطاعه من قومه فاختلفوا في الطريق فلم يصلوا وحنظلة أحد الذين كتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف بالكاتب.
شهد القادسية وهو ممن تخلف عن علي في قتال أهل البصرة يوم الجمل.
جل حديثه عند أهل الكوفة ولما توفي رحمه الله جزعت عليه امرأته فنهتها جاراتها وقلن إن هذا يحبط أجرك فقالت:
تعجبت دعد لمحزونة ** تبكي على ذي شيبة شاحب

إن تسأليني اليوم ما شفني ** أخبرك قولًا ليس بالكاذب

إن سواد العين أودى به ** حزن على حنظلة الكاتب

مات حنظلة الكاتب في إمارة معاوية بن أبي سفيان وعقب له.

.حنظلة بن أبي عامر الأوسي:

حنظلة الغسيل وهو حنظلة بن أبي عامر الراهب والأنصاري الأوسي من بن عمرو بن عوف.
قال ابن إسحاق هو حنظلة بن أبي عامر واسم أبي عامر عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة ويقال اسم أبو عامر الراهب عبد عمرو ابن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة وقال ابن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن شبيعة بن زين بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة الأنصاري الأوسي وأبوه أبو عامر كان يعرف بالراهب في الجاهلية وكان هو وعبد الله بن أبي بن سلول قد نفسا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الله به عليه.
فأما عبد الله بن أبي بن سلول فآمن ظاهره وأضمر النفاق وأما أبو عامر فخرج إلى مكة ثم قدم مع قريش يوم أحد محاربًا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق فلما فتحت مكة لحق بهرقل هاربًا إلى الروم فمات كافرًا عند هرقل وكان معه هناك كنانة بن عبد ياليل وعلقمة بن علاثة فاختصما في ميراثه إلى هرقل فدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل وقال لعلقمة هما من أهل المدر وأنت من أهل الوبر.
وكانت وفاة أبي عامر الراهب عند هرقل في سنة تسع وقيل في سنة عشرة من الهجرة.
وأما حنظلة ابنة فهو المعروف بغسيل الملائكة قتل يوم أحد شهيدًا قتله أبو سفيان بن حرب وقال حنظلة بحنظلة يعني بابنه حنظلة المقتول ببدر وقيل بل قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي.
وقال مصعب الزبيري بارز أبو سفيان بن حرب حنظلة بن أبي عامر الغسيل فصرعه حنظلة فأتاه ابن شعوب وقد علاه حنظلة فأعانه حتى قتل حنظلة فقال أبو سفيان:
ولو شئت نجتني كميت طمرة ** ولم أحمل النعماء لابن شعوب

في أبيات كثيرة.
وذكر أهل السيرة أن حنظلة الغسيل كان قد ألم بأهله في حين خروجه إلى أحد ثم هجم عليه من الخروج في النفير ما أنساه الغسل وأعجله عنه فلما قتل شهيدًا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة غسلته.
وروى حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة بن أبي عامر الأنصاري ما كان شأنه قالت كان جنبًا وغسلت أحد شقي رأسه فلما سمع لهيعة خرج فقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت الملائكة تغسله».
وابنه عبد الله بن حنظلة ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناه في باب العبادلة من هذا الكتاب.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم البغدادي الدورقي قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم البغدادي الدروقي قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال افتخرت الأوس فقالوا منا غسيل الملائكة حنظلة ابن الراهب ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت ومنا من اهتز بموته عرش الرحمن سعد بن معاذ فقال الخزرجيون منا أربعة قرأوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقرأه غيرهم زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب.
قال أبو عمر رحمه الله يعني لم يقرأه كله أحد منكم يا معشر الأوس ولكن قد قرأه جماعة من غير الأنصار منهم عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم.

.حنظلة بن حذيم الحنفي:

حنظلة بن حذيم بن حنيفة أو عبيد الحنفي من بني حنيفة.
ويقال حنظلة بن حذيم التميمي السعدي هكذا قال العقيلي وقال البخاري حنظلة بن حذيم ولم ينسبه قال وقال يعقوب بن إسحاق عن حنظلة بن حنيفة بن حذيم قال: قال حذيم: يا رسول الله إن حنظلة أصغر بني الحديث هكذا ذكره البخاري ولم يجوده.
روى حنظلة هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتم على غلام بعد احتلام ولا على جارية إذا هي حاضت». وروى أيضًا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا متربعًا روى عنه الذيال بن عبيد.

.حنظلة الأنصاري:

حنظلة الأنصاري إمام مسجد قباء روى عنه جبلة بن سحيم لا أعلم أنه روى عنه غيره.

.حنظلة بن قيس الورقي:

حنظلة بن قيس الورقي ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الواقدي.
وروى عن عمر بن عثمان ورافع بن خديج وروى عنه ابن شهاب الزهري.

.باب حي:

.حي بن حارثة الثقفي:

حي بن حارثة الثقفي حليف لبني زهرة بن كلاب أسلم يوم فتح مكة وقتل يوم اليمامة شهيدًا هكذا قال ابن إسحاق حي بن حارثة وقال الواقدي حي بن جارية بالجيم وكذلك ذكره الطبري وقال أبو معشر يعلى بن جارية الثقفي.

.حي الليثي:

حي الليثي سكن مصر له صحبة حديثه عند ابن لهيعة.

.باب الأفراد في الحاء:

.الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي:

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن بنته فاطمة رضي الله عنه وابن ابن عمه علي بن أبي طالب يكنى أبا محمد ولدته أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة هذا أصح ما قيل في ذلك إن شاء الله وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش وحلق رأسه وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة.
حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا ابن الورد قال حدثنا يوسف بن زياد حدثنا أسد بن موسى وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا خلف بن الوليد أبو الوليد قالا حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أروني ابني ما سميتموه». قلت سميته حربًا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين قال: «أروني ابني ما سميتموه». قلت سميته حربًا قال بل هو حسين فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أروني ابني ما سميتموه». قلت حربًا قال: «بل هو محسن». زاد أسد ثم قال: «إني سميتهم بأسماء ولد هارون شير وشبير ومشبر».
وبهذا الإسناد عن علي رضي الله عنه قال كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس ولحسين أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك.
وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحسن ابن علي: «إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظمتين من المسلمين». رواه جماعه من الصحابة.
وفي حديث أبي بكرة في ذلك: «وأنه ريحانتي من الدنيا». ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدًا وكان رضي الله عنه حليمًا ورعًا فاضلًا دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله وقال والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني وما يضرني أن إلي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم.
وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان والذابين عنه ولما قتل أبوه علي رضي الله عنه بايعه أكثر من أربعين ألفًا كلهم قد كانوا بايعوا أباه عليًّا قبل موته على الموت وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه فبقي نحوًا من أربعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه فلما تراءى الجمعان وذلك بموضع يقال له مسكن من أرض السواد بناحية الأنبار علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتى تذهب أكثر الأخرى فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصير الأمر إليه على أن يشترط عليه ألا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشي كان في أيام أبيه فأجابه معاوية وكاد يطير فرحًا إلا انه قال أما عشرة أنفس فلا أؤمنهم.
فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول إن قد آليت أني متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده فراجعه الحسن إني لا أبايعك أبدًا وأنت تطلب قيسًا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال أكتب ما شئت فيه وأنا ألتزمه.
فاصطلحا على ذلك واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده فالتزم ذلك كله معاوية فقال له عمرو بن العاص إنهم قد انفل حدهم وانكسرت شوكتهم فقال لهم معاوية أما علمت أنه قد بايعه عليًّا أربعون ألفًا على الموت فوالله لا يقتلون حتى يقتل أعدادهم من أهل الشام ووالله ما في العيش خير بعد ذلك واصطلحا على ما ذكرنا وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمره عن ابن شوذب قال لما قتل علي سار الحسن فيمن معه من أهل الحجاز والعراق وسار معاوية في أهل الشام فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل العهد للحسن من بعده قال فكان أصحاب الحسن يقولون له يا عار المؤمنين فيقول العار خير من النار.
حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق بن معمر قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال حدثني عمرو إبن خالد مرارًا قال حدثني زهير بن معاوية الجعفي قال حدثني أبو روق الهمداني أن أبا الغريف حدثهم قال كنا في مقدمة الحسن بن علي إثني عشر ألفًا بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا من الجد والحرص على قتال أهل الشام وعلينا أبو العمر طه فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ والحزن فلما جاء الحسن الكوفة أتاه شيخ منا يكنى أبا عامر سفيان بن ليلى فقال السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال لا تقل يا أبا عامر فإني لم أذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.
وحدثنا خلف حدثنا عبد الله حدثنا أحمد حدثنا يحيى بن سليمان حدثني الحسن بن زياد حدثني أبو معشر عن شرحبيل بن سعد قال مكث الحسن بن علي نحوًا من ثمانية أشهر لا يسلم الأمر إلى معاوية وحج بالناس تلك السنة سنة أربعين المغيرة بن شعبة من غير أن يؤمره أحد وكان بالطائف قال وسلم الأمر الحسن إلى معاوية في النصف من جمادى الأولى من سنة إحدى وأربعين فبايع الناس معاوية حينئذ ومعاوية يومئذ إن ست وستين إلا شهرين.
قال أبو عمر رضي الله عنه هذا أصح ما قيل في تاريخ عام الجماعة وعليه أكثر أهل هذه الصناعة من أهل السير والعلم بالخبر وكل من قال إن الجماعة كانت سنة أربعين فقد وهن ولم يقل بعلم والله أعلم.
ولم يختلفوا أن المغيرة حج عام أربعين على ما ذكر أبو معشر ولو كان الاجتماع على معاوية قبل ذلك لم يكن كذلك والله أعلم.
ولا خلاف بين العلماء أن الحسن إنما سلم الخلافة لمعاوية حياته لا غير ثم تكون له من بعده وعلى ذلك انعقد بينهما ما انعقد في ذلك ورأى الحسن ذلك خيرًا من إراقة الدماء في طلبها وإن كان عند نفسه أحق بها.
حدثنا خلف حدثنا عبد الله حدثنا أحمد قال حدثنا أحمد بن صالح ويحيى بن سليمان وحرملة بن يحيى ويونس بن عبد الأعلى قالوا حدثنا ابن وهب قال أخبرني يوسف بن يزيد عن إبن شهاب قال لما دخل معاوية الكوفة حين سلم الأمر إليه الحسن بن علي كلم عمرو بن العاص معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس فكره ذلك معاوية وقال لا حاجة بنا إلى ذلك قال عمرو ولكني أريد ذلك ليبدو عيه فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي لم يزل بمعاوية حتى أمر الحسن أن يخطب وقال له قم يا حسن وكلم الناس فيما جرى بيننا.
فقام الحسن فتشهد وحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديهته أما بعد أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول وإن الله عز وجل يقول: {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون أنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون إن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين}. [الأنبياء: 109- 111]. فلما قالها قال له معاوية اجلس فجلس ثم قام معاوية فخطب الناس ثم قال لعمرو هذا من رأيك.
وأخبرنا خلف حدثنا عبد الله حدثنا أحمد قال حدثني يحيى بن سليمان قال حدثني عبد الله الأجلح أنه سمع المجالد من سعيد يذكر عن الشعبي قال لما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية قال له معاوية قم فاخطب الناس واذكر ما كنت فيه.
فقام الحسن فخطب فقال الحمد الله الذي هدى بنا أولكم وحقن بنا دماء آخركم ألا إن أكيس الكيس التقي وأعجز العجز الفجور وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون كان أحق به مني وإما أن يكون حقي فتركته لله ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم قال ثم التفت إلى معاوية فقال: {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين}. [الأنبياء:111]. ثم نزل.
فقال عمرو لمعاوية ما أردت إلا هذا.
ومات الحسن بن علي رضي الله عنهما بالمدينة واختلف في وقت وفاته فقيل مات سنة تسع وأربعين وقيل بل مات في ربيع الأول من سنة خمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين وقيل بل مات سنة إحدى وخمسين ودفن ببقيع الغرقد وصلى عليه سعيد بن العاص وكان أميرًا بالمدينة قدمه الحسين للصلاة على أخيه وقال لولا أنها سنة ما قدمتك.
وقد كانت أباحت له عائشة أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وكان سألها ذلك في مرضه فلما مات منع من ذلك مروان بن أمية في خبر يطول ذكره.
وقال قتادة وأبو بكر بن حفص سم الحسن بن علي سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي.
وقالت طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها من ذلك وكان لها ضرائر والله أعلم.
ذكر أبو زيد عمر بن شبة وأبو بكر بن أبي خيثمة قالا حدثنا موسى ابن إسماعيل قال حدثنا أبو هلال عن قتادة قال دخل الحسين على الحسن فقال يا أخي إني سقيت السم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه المرة إني لأضع كبدي فقال الحسين من سقاك يا أخي قال ما سؤالك عن هذا أتريد أن تقاتلهم أكلهم إلى الله.
فلما مات ورد البريد بموته على معاوية فقال يا عجبًا من الحسن شرب شربة من عسل بماء رومة فقضى نحبه.
وأتى ابن عباس معاوية فقال له يا بن عباس احتسب الحسن لا يحزنك الله ولا يسوءك فقال أما ما أبقاك الله لي يا أمير المؤمنين فلا يحزنني الله ولا يسوءني قال فأعطاه على كلمته ألف ألف وعروضًا وأشياء وقال خذها وأقسمها على أهلك.
حدثني عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا عبد الله بن روح حدثنا عثمان بن عمر بن فارس قال حدثنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال كنا عند الحسن بن علي فدخل المخرج ثم خرج فقال لقد سقيت السم مرارًا وما سقيته مثل هذه المرة لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود معي فقال له الحسن يا أخي من سقاك قال وما تريد إليه أتريد أن تقتله قال نعم قال لئن كان الذي أظن فالله أشد نقمة ولئن كان غيره ما أحب أن تقتل بي بريئًا.
وذكر معمر عن الزهري عن أنس قال لم يكن فيهم أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن.
وقال أبو جحيفة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسين يشبهه.
قال أبو عمر رضي الله عنه حفظ الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ورواها عنه منها حديث الدعاء في القنوت ومنها: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة».
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال في الحسن والحسين: «إنهما سيدا شباب أهل الجنة».
وقال: «اللهم إني أحبهما وأحب من يحبهما».
قيل كانت سنة يوم مات ستًا أربعين سنة وقيل سبعا وأربعين.
وكان معاوية قد أشار بالبيعة إلى يزيد في حياة الحسن وعرض بها ولكنه لم يكشفها ولا عزم عليها إلا بعد موت الحسن.
وروينا من وجوه أن الحسن بن علي لما حضرته الوفاة قال للحسين أخيه يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبو بكر فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضًا فصرفت عنه إلى عمر فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم فلم يشك أنها لا تعدوه فصرفت عنه إلى عثمان فلما هلك عثمان بويع ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها فما صفا له شي منها وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك.
وقد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها فإن طابت نفسها فادفني في بيتها وما أظن القوم إلا سيمنعونك إذا أردت ذلك فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك وادفني في بقيع الغرقد فإن فيمن فيه أسوة.
فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة فطلب ذلك إليها فقالت نعم وكرامة فبلغ ذلك مروان فقال مروان كذب وكذبت والله لا يدفن هناك أبدًا منعوا عثمان من دفنه في المقبرة يريدون دفن الحسن في بيت عائشة.
فبلغ ذلك الحسين فدخل هو ومن معه في السلاح فبلغ ذلك مروان فاستلأم في الحديد أيضًا فبلغ ذلك أبا هريرة فقال والله ما هو إلا ظلم يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه والله إنه لابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق إلى الحسين فكلمه وناشده الله وقال له أليس قد قال أخوك إن خفت أن يكون قتال فردوني إلى مقبرة المسلمين فلم يزل به حتى فعل وحمله إلى البقيع فلم يشهده يومئذ من بني أمية إلا سعيد بن العاص وكان يومئذ أميرًا على المدينة فقدمه الحسين للصلاة عليه وقال هي السنة.
وخالد بن الوليد بن عقبة ناشد بني أمية أن يخلوه يشاهد الجنازة فتركوه فشهد دفنه في المقبرة ودفن إلى جنب أمه فاطمة رضي الله عنها وعن بنيها أجمعين.